منتدى الوالد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وداوني بالتي كانت هي الداءُ

اذهب الى الأسفل

وداوني بالتي كانت هي الداءُ Empty وداوني بالتي كانت هي الداءُ

مُساهمة  الوالد 2007-12-27, 1:17 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
وداوني بالتي كانت هي الداءُ

رددنا كثيراً ومنذ نعومة أظفارنا المقولة الاستعمارية الشهيرة ( فرق تسد ) ، تلك المقولة الشهيرة التي تلخص السياسة الاستعمارية واليتها الميكانيكية التي تضمن نجاح المستعمر ( و نجاح أي دخيل ) للسيطرة على المجتمعات التي يدخلها حتى وان كانت تلك المجتمعات تفوق إمكانياته الاستعمارية والعسكرية والبشرية .

وقد مثل احد المفكرين هذه السياسة بمثال بسيط ، فقال : لو كانت هناك كتلتين كبيرتين متساويتين في كفتي ميزان فستبقى الكفتين متعادلتين حتى وان كانت كل كتلة منهما تعادل جبلا ، ولكن يمكن لحصاة صغيرة أن تنتقل بين الكفتين لترجح هذه أو تلك . هذه الحصاة الصغيرة تمثل ( المستعمر أو أي ماكر يحل محله ) . والكتلتين تمثل الشعب المقسوم على نفسه أو الذي عمل المستعمر على تفريقه وشطره وتقسيمه . وهكذا يبقى المستعمر هو المهيمن القادر على خلق الموازنة أو الخلل في ميزان الكتلتين ، فيدعم هذه تارة وتلك أخرى ، ويثير ويستفز احدهما ضد الأخرى كلما أوشك الاستقرار أن يتحقق بينهما ، ليحقق لنفسه المكاسب التي يرجو ، كما انه يبقي الكتلتين في دوامة التأرجح الذي لانهاية له .

هذا كلام معروف وملموس ومشخص ، وكله مقدمة لما أريد أن اكشفه من أمور اخطر ، إن المستعمر أوقعنا في فخ يبدو وكأنه لا مخرج منه ، إن لم نعترف بوقوعنا في الفخ ونحاول كشف السبيل للخروج منه .

إن الحذر الشديد من مكائد المستعمر والخوف من مخططاته لتفريقنا ( هذا الحال الذي هيمن على مجتمعنا لقرن من الزمان مضى ) دفعنا للبحث عما يوحدنا ويبطل خططه الماكرة ، حتى حولنا هذا الهاجس والخوف لان نتمسك بما نظنه و نعتقد انه موحدٌ لنا ونتغافل عن السلبيات التي افرزها عامل التوحد المختار ، حتى أوصلنا هذا الهاجس إلى ما يعرف بالتوحد السلبي ( وهو التوحد المناقض للفطرة ) .
فليس كل انقسام هو أمر سلبي ، فالحياة تقتضي فيما أودع الله فيها من فطرة أن يكون لكل شئ فيها ما يقابله ، وهذا المقابل

• قد يكون متمما ( كالذكر والأنثى ) وما أشبه ذلك ، اللذين بهما تنمو الحياة وتتجدد
• وقد يكون معاكساً ( كالسالب والموجب ) , التي لولا تعاكسها ما أشتغل أي جهاز حديث
• وقد يكون مضاداً ( كالأقطاب المغناطيسية المتضادة ) التي لولا تنافرها وتجاذبها ما تحركت عجلة محرك أو آلة معروفة .
• وقد يكون مناقضاً ( كالليل والنهار ) الذين بهما تجدد الحياة وتعاقب النشاط بالسكون والحركة .
• وقد يكون محفزا ( كالعدو والصديق ) فالعدو والمبغض – يدفع خصمه إلى اليقظة والعمل والحذر كما يدفعه الصديق إلى التعاون والمشاركة .

وهكذا تجد إن التنوع هو فطرة الحياة بل إن أكثر الأشياء لا تعرف إلا بضدها ( كما قيل )
فلولا الأسود ما تميز الأبيض ، ولولا الظلام ما عرف النور ، ولولا الشر ما عرف الخير ، ولولا الظلم ما عرف العدل ، ولولا الفشل ما عرف النجاح والتفوق.
بل أكثر من ذلك إن هذه الحدود البعيدة هي التي تميز كل ما بينها من مراتب ، فبين الأبيض والأسود طيف واسع من الألوان ، وبين المتفوق والفاشل مراتب كثيرة من الساعين إلى النجاح .

ولنعود إلى أصل الموضوع ، ونستعرض كيف ركن مجتمعنا إلى التوحد السلبي ، التوحد الذي يخشى المنافسة ، ويهرب الى التحشيد والتكتل البليد بحجة مقارعة خطط الاستعمار والحذر من التفرق ، فلقد التمسنا وحدتنا في العهد الملكي بالتشبث بالوطنية والإقليمية ( وخلق كيان امة أسميت بالأمة العراقية ) فلما اختل الميزان بالإفراط في الإقليمية انتقلنا برد الفعل إلى الأممية ( وجذبنا أعلاها تطرفا ) ولما رفضها عموم شعبنا المتدين كان الملاذ الموحد لنا هو القومية باعتبارها الأصل المشترك لمكونات الشعب ( الدينية والمذهبية ) ، ولما اختل الميزان بالإفراط بالقومية بكل صورها الممكنة ، جاء الفرج من معلم الناس السحر ليرفع الضغط عن المارد السجين ، و ليترك الشعب الحائر يتخبط باحثا عن موحد جديد ، و هكذا عدنا من حيث بدئنا ، فبعضنا يرى عامل التوحد بالطائفية ، ( لأنها المدرسة الأولية التي تخرجنا منها جميعا ) ولكن هذا الناظر نسي إن مدرستنا الأولية ليست واحدة وهكذا اختار عامل الانقسام الذي تجنبه القوميين قبل نصف قرن وتجنبه الوطنيون ( الإقليميون ) قبل قرن من الزمان . فيما يرى البعض الآخر عامل التوحد في ( الحزبية أو المناطقية أو الكتلوية أو العشائرية أو النقابية والتكتلات التكنوقراطية.... والقائمة تطول ..) إن كل هذه الدعوات هي دعوات لا مفر منها ، ولا ينقصها إلا منحها الفرصة الايجابية للعمل . والفرصة الايجابية باختصار أن لا يمنح أي احد تفوقا مجانيا ، بالاعتماد على السلطات الدينية أو الحكومية أو العسكرية ( سواءً كانت الدولية منها أو الإقليمية ) .

• وهكذا يكون الامتحان الحقيقي للقوميين الأكراد بان يعاد القوميين العرب إلى الساحة ( و منهم البعثيين ) وليرينا كل منهم إخلاصه وحبه للبلد ومصالحه ، وإصلاح ما أفسده التطرف القومي ومدعيه في السابق .
• وكذلك اختبار الطائفيين والمتدينين من كل دين ومذهب أن يمنح الجميع فرصتهم في إظهار برامجه و خدماته الربانية التي أمره بها دينه إلى البشرية و إلى الناس الذين يعيش بينهم . وليرينا كل منهم حرصه وحبه للناس وخدمتهم . كي يمنح الناس فرصة اختيار أي دين و أي مذهب دون إكراه أو وصاية من احد.
• والاختبار الحقيقي للدوائر ومسؤليها أن تسمح لغيرها بالمنافسة وتقديم الخدمات للمواطنين ( وخاصة في الكهرباء والوقود والمنتجات النفطية ) من شركات محلية وأجنبية ، وكفى خداعا لنا بخدمات الدولة التي يديرها الباحثون عن التفوق المجاني ( الذين ابعدوا كل منافس يمكن أن يكشف فشلهم بحجة حمايتهم للمواطن (العزي
ز) )
وليعلم الجميع إن الصف الذي ليس فيه إلا طالب واحد ، هو صف لا يخرج منه العباقرة لان هذا الصف استحق طالبه لقب التفوق منذ لحظة دخوله الصف ، حتى وان فشل في كل امتحان ، وحتى إن لم يدخل أي امتحان ، وكذلك يتفوق جميع طلاب الصف إن ابعدوا من صفهم كل طالب متفوق وكل طالب يسعى للتفوق والاجتهاد .

إن المجتمع الذي لا يريد إن يرى إلا لونا واحدا وفهما واحدا ومكونا واحدا مجتمع لا يفهم فطرة الحياة ، ولا سبيل له إلا أن يقوده فاشل كبير من أبنائه أو شيطان دخيل من جيرانه.
إن النجاح في الحياة
يقتضي دخول الامتحان والتنافس مع الأقران ومقارعة الخصوم بالحجج والعمل الذي يظهر التفوق ، وهذا يتطلب وجود المناقض والمخالف كما يقتضي وجود المماثل و الموافق ، وبذلك تزدهر الحياة وتتفاعل المناهج و تتولد الأفكار
.
و إن المتفوق لا يخشى الفاشلين ، لأنهم دليل تفوقه ، و الدافع له إلى الرقي والسمو .

الوالد
الوالد
Admin

المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 08/12/2007

https://alwaled.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى