التنوع المذهبي نعمة ام نقمة .
منتدى الوالد :: الثقافة :: خواطر وافكار
صفحة 1 من اصل 1
التنوع المذهبي نعمة ام نقمة .
التنوع المذهبي نعمة ام نقمة ؟
التنوع ضرورة من ضروريات الحياة ، ولكن التعامل معه بمنهجية خاطئة هي التي تحيله إلى نقمة .
فإن أي طبيب لا يمكن له أن يصف لجميع مرضاه دواءً واحداً ، ذلك إن اجتهاد الطبيب وفقا لما يراه من حال المريض هو الذي يحدد نوع الدواء ومقدار جرعته .
وان المدرس لا يمكن أن يجمع طلاب الصف الأول وطلاب الصف المنتهي ويفرض عليهم منهجاً و مقرراً علمياً واحداً .
وكذلك المهندس الذي يشيد بناءً لا يمكن له أن يضع مواصفاتٍ واحدة لبنائين احدهما في منطقةٍ صخرية والآخر في منطقةٍ رملية .
وحال الاجتهاد الفقهي والتنوع المذهبي لا يخرج عن حال ما سبق . فالمبادئ والقواعد والنصوص واحدة ، ولكن تبقى للفقيه مساحة يعمل فيها عقله ويختار لمحيطه الاجتماعي ما يناسبه ، من دون أن يخرج عن المسلمات الشرعية العامة . وهكذا نشأ التنوع وازدهر الاجتهاد على مر العصور . و لذلك فان الاجتهاد الذي يناسب عصرا قد لايناسب غيره ، لتغير ظروف الحياة . والاجتهاد الذي يناسب مصرا قد لايناسب غيره ، لاختلاف الأحوال .
ولكن الذي أحال هذه النعمة إلى نقمة ، هو استغلال عواطف البسطاء من الناس لتحشيدهم حول المذاهب ، مما أدى إلى التعصب للمذاهب والجمود الفكري على موروثها . وبالتالي عدم مقدرتها على مواكبة حاجة الحياة .
هذه الحالة والإصرار على التمسك بها ( مراعاة لعواطف العوام ومشاعرهم ) جعلت السبيل مفتوحا للسلطات الحكومية المتعاقبة لان تفرض على فرقاء المذاهب وأتباعهم الأحكام والاجتهادات التي تراها بتشريعات قانونية تفرضها و بما يحقق مصلحة وسياسة الدولة ، لا مصلحة الأفراد وأتباع المذاهب . وشمل ذلك جميع نواحي الحياة بما فيها ما يتعلق بخصوصيات المواطنين وأحوالهم الشخصية .
وبقي هذا الحال قائما رغم تبدل أنظمة كثيرة ، وسيبقى قائما مادام التعامل مع التنوع المذهبي مبنيا على منهجية التعصب التي تلغي دور التعاطي الفكري والنظر العلمي . و حالنا كحال من يريد أن يلبس رجلا ملابس طفولته دون مراعاة لمتطلبات عمره وحاجاته أو من يريد أن يلبس البدين والنحيف نفس الملابس ( بحجة إنهم اخوين ) دون مراعاة لحاجات كل منهما . .
وليهنأ الحكام المحظوظون الذين أوجدنا لهم موقع التفوق المضمون ، فنحن مشغولون بخلافات أجدادنا الفقهية فيما يفرض علينا من هب ودب اجتهاده وهواه ( وفي أحسن الأحوال أن يختار من اجتهاداتنا ما يناسب مصلحته ) و ليتدخل حتى في خصوصياتنا وأحوالنا الشخصية بما يفرض علينا من قوانين .
واختم كلامي بإجابة سمعتها من احد خبراء المواريث الشرعية ( وله خبرة واسعة في أحكام الميراث عند الطائفتين ) حين سأل في احد المجالس الخاصة عن أي الاجتهادين انسب للمجتمع العراقي برأيه ، فقال : أقول لكم وبمقتضى الدقة العلمية وبغض النظر عن انتمائي الطائفي ، إن احد الاجتهادين يناسب مجتمعات المدن الصغيرة والقرى ( سواء كانوا من هذه الطائفة أو تلك ) والآخر يناسب مجتمعات المدن الكبيرة ( سواء كانوا من هذه الطائفة أو تلك ) .
منتدى الوالد :: الثقافة :: خواطر وافكار
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى